أظنّه مثل الغاز يتسرّب إلينا من حيث لا نعلم، يضبط أنفاسنا، يعدّل انفعالاتنا ويكتم ثورتنا، فنستبيح القبيح ونذعن للأغلبية وندخل في صفوف اللامبالاة.
وان تحرّكت اتّهمونا بالشذوذ، ولم أعد انتظر أن توجّه نحوي أصابع الاتهام، فاتهمت نفسي...
أشياء كثيرة فينا تموت، عظيمة هي هذه الأشياء، ولا ندّخر لموتها شيء بل لا نتفطّن أصلا لموتها، فلا نقيم مراسم ولا نتقبّل عزاء.
ذلك الموت البطيء...لا إحساس معه إلا بشيء ينسحب منك قليلا قليلا قليلا...ولا ضرر من القلّة، فتنسحب قليل من كرامتك على قليل من شهامتك والبعض من عروبتك وجزء من عزّتك وكثير من إنسانيتك فلا يبقى منك إلا أشلاء الأشياء...
فتنمحي التفاصيل والتقاسيم لنصير نسخة مستنسخة مزوّرة...
وننظر للنافذة شبه مفتوحة نريد أن نصرخ نسترجع سيلان ذاكرة فيباغتنا النسيان...
عفوا أصدقائي ولكنّي نسيت...
نسيت طعم قلمي
نسيت طعم الحبر على الورق
نسيت طعم آخر سيجارة
ولكنّ هذا القلب ينبض ينبض ينبض
بقوّة بسرعة...
ليس بسحر الحبّ هذه المرّة بل بمفعول الإجهاد
حتّى أن زميلا لي سألني، هل أدركت الحبّ يوما؟ لا أتخيّلك تتقنين لغة الحب أو فنون الغرام...
شكرا سيّدي، فبفضلك تفطّنت اليوم أنّي اعتزلت الحياة
...